الجمعة، 29 يوليو 2011

إذا رئي هلال رمضان في بلد ولم ير في الآخر

بسم الله الرحمن الرحيم



قال الامام النووي في كتابه روضة الطالبين وعمدة المفتين..

اذا رئي هلال رمضان في بلد ، ولم ير في الآخر ، فإن تقارب البلدان ، فحكمها حكم البلد الواحد ، وإن تباعدا ، فوجهان . أصحهما : لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر . وفي ضبط البعد ثلاثة أوجه .

أحدها وبه قطع العراقيون والصيدلاني وغيرهم : أن التباعد : أن تختلف المطالع ، كالحجاز ، والعراق ، وخراسان .

والتقارب : أن لا تختلف ، كبغداد ، والكوفة ، والري ، وقزوين . والثاني : اعتباره باتحاد الإقليم واختلافه .

والثالث : التباعد مسافة القصر . وبهذا قطع إمام الحرمين ، والغزالي ، وصاحب " التهذيب " وادعى الإمام الاتفاق عليه .

قلت : الأصح : هو الأول ، فإن شك في اتفاق المطالع ، لم يجب الصوم على الذين لم يروا ، لأن الأصل عدم الوجوب . والله أعلم .

ولو شرع في الصوم في بلد ، ثم سافر إلى بلد بعيد لم ير فيه الهلال في يومه الأول ، واستكمل ثلاثين ، فإن قلنا : لكل بلد حكم نفسه ، لزمه أن يصوم معهم على الأصح ، لأنه صار من جملتهم ، والثاني : يفطر ، لأنه التزم حكم الأول .

وإن قلنا : يعم الحكم جميع البلاد ، لزم أهل البلد المنتقل إليه موافقته إن ثبت عندهم حال البلد الأول بقوله ، أو بطريق آخر ، وعليهم قضاء اليوم الأول .

ولو سافر من البلد الذي لم ير فيه الهلال إلى بلد رئي فيه ، فعيدوا اليوم التاسع والعشرين من صومه ، فإن عممنا الحكم ، أو قلنا : له حكم البلد المنتقل إليه ، عيد معهم ، وقضى يوما .

وإن لم نعم الحكم وقلنا : له حكم المنتقل منه ، فليس له الفطر . ولو رأى الهلال في بلد فأصبح معيدا ، فسارت به السفينة إلى بلد في حد البعد ، فصادف أهلها صائمين ، فقال الشيخ أبو محمد : يلزم إمساك بقية النهار إذا قلنا : لكل بلد حكمه .

واستبعد الإمام والغزالي إيجابه . وتتصور هذه المسألة في صورتين :

إحداهما : أن يكون ذلك اليوم يوم الثلاثين من صوم أهل البلدين ، لكن المنتقل إليهم لم يروه .

والثانية : أن يكون التاسع والعشرين للمنتقل إليهم لتأخر صومهم بيوم . وإمساك بقية اليوم في الصورتين ، إن لم نعمم الحكم كما ذكرنا .

وجواب الشيخ أبي محمد ، كما أنه مبني على أن لكل بلد حكمه ، فهو مبني أيضا على أن للمنتقل حكم المنتقل إليه . وإن عممنا الحكم ، فأهل البلد المنتقل إليه إذا عرفوا في أثناء اليوم أنه العيد ، فهو شبيه بما إذا شهد الشهود على رؤية الهلال يوم الثلاثين .

وقد سبق بيانه في صلاة العيد . وإن اتفق هذا السفر لعدلين وقد رأيا الهلال بأنفسهما ، وشهدا في المنتقل إليه ، فهذا عين الشهادة برؤية الهلال في اليوم الثلاثين في الصورة الأولى .

وأما الثانية ، فإن عممنا الحكم جميع البلاد ، لم يبعد أن يكون الإصغاء إلى كلامهما على ذلك التفصيل ، فإن قبلوا قضوا يوما . وإن لم نعمم الحكم ، لم يلتفت إلى قولهما . ولو كان الأمر بالعكس ، فأصبح صائما ، فسارت به السفينة إلى قوم عيدوا ، فإن عممنا الحكم ، وقلنا : له حكم المنتقل إليه ، أفطر ، وإلا ، لم يفطر . وإذا أفطر ، قضى يوما ، إذ لم يصم إلا ثمانية وعشرين يوما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق