إحداها : يحرم عليه أن يجمع بين زوجتين ، أو زوجات في مسكن ولو ليلة واحدة إلا برضاهن . والمراد بالمسكن : ما يليق بامرأة من دار وحجرة بيت مفرد .
فاللواتي تليق بكل واحدة منهن بيت أو دار أو حجرة ، لا يجمع بينهن في دار واحدة ولا حجرة واحدة ، لكن لو كان في الدار حجر مفردة المرافق ، فله أن يسكنهن فيها .
وكذا لو أسكن واحدة في العلو والأخرى في السفل ، والمرافق متميزة ، واللواتي يليق بهن البيوت الفردة له أن يسكن كل واحدة منهن بيتا من خان واحد ، أو دار واحدة ، ولا يجمع بينهن في بيت إلا بالرضى .
وإذا جمعهما في مسكن بالرضى ، كره وطء إحداهما بحضرة الأخرى . ولو طلب ، لم تلزمها الإجابة ، ولا تصير بالامتناع ناشزة .
الثانية : عماد القسم الليل ، والنهار تابع ، وله أن يرتب القسم على الليلة واليوم الذي قبلها ، أو اليوم الذي بعدها ، هذا حكم عامة الناس . وأما من يعمل ليلا ويسكن نهارا ، كالأتوني والحارس ، فعماد قسمه النهار ، والليل تابع ، وعماد قسم المسافر وقت نزوله ليلا كان أو نهارا قليلا أم كثيرا .
[ ص: 349 ] الثالثة : من عماد قسمه الليل ، يحرم عليه أن يدخل في نوبة واحدة على الأخرى ليلا وإن كان لحاجة كعيادة وغيرها . وقيل : يجوز للحاجة ، وهو ضعيف ، ويجوز الدخول للضرورة بلا خلاف .
قال في " الشامل " : هي مثل أن تموت أو يكون منزولا بها . وقال الشيخ أبو حامد وغيره : هي كالمرض الشديد . قال الغزالي : هي كالمرض المخوف . قال : وكذا المرض الذي يحتمل كونه مخوفا ، فيدخل لتبيين الحال .
وفي وجه : لا يدخل حتى يتحقق أنه مخوف . ثم إذا دخل على الضرة لضرورة ، أو مكث ساعة طويلة ، قضى لصاحبة النوبة مثل ذلك في نوبة المدخول عليها ، وإن لم تكن إلا لحظة يسيرة ، فلا قضاء .
ولو تعدى بالدخول ، إن طال الزمان ، قضى ، وإلا فلا ، لكن يعصي . وعن القاضي حسين تقدير القدر المقتضي بثلث الليل . والصحيح أن لا يقدر .
هذا إذا لم يجامع المدخول عليها ، فإن جامعها ، عصى . وفي القضاء أوجه . أحدها : أنه أفسد الليلة ، فلا تحسب على صاحبة النوبة . والثاني : يقضي الجماع في نوبة التي جامعها .
وأصحها : يقضي من نوبتها مثل تلك المدة ، ولا يكلف الجماع . فإن فرض الجماع في لحظة يسيرة ، فلا قضاء على هذا الوجه ، ويبقى الوجهان الأولان .
فرع
وأما النهار ، فلا تجب التسوية فيه بين النسوة في قدر إقامته في البيت ، ولكن ينبغي أن تكون إقامته في بيت صاحبة النوبة إن أقام ، ولا يدخل على [ ص: 350 ] غيرها إلا لحاجة ، كعيادة ، وتعرف خبر ، وتسليم نفقة ، ووضع متاع واحدة . وينبغي أن لا يطيل المقام ، ولا يعتاد الدخول على واحدة في نوبة الأخريات ، ولا في نوبة واحدة الدخول على غيرها .
وإذا دخل على واحدة بغير حاجة ، ففي " التجريد " للمحاملي : أنه يجب القضاء ، وحكاه عن نصه في " الإملاء " . وإن دخل لحاجة ، فلا قضاء . هذا هو الصحيح المعروف ، وحكى الغزالي وجهين آخرين .
أحدهما : أن النهار كالليل ، ومقتضى هذا الإطلاق ، أن لا يدخل إلا لضرورة ، وأنه يقضي إذا دخل متعديا . وحكى ابن كج أن أبا إسحاق حكى في وجوب القضاء قولا . والثاني : لا حجر بالنهار .
ومقتضى هذا أن يدخل ويخرج كيف شاء بلا قضاء ، ولا يجوز في دخول الحاجة أن يجامع . وفي سائر الاستمتاعات وجهان . أصحهما : الجواز .
وفي كتاب ابن كج وجه أنه يجوز الجماع وهو شاذ .
فرع
من عماد قسمه النهار ، فليله كنهار غيره ، ونهاره كليل غيره في جميع ما ذكرنا .
فرع
نقل البغوي وغيره ، أنها إذا مرضت ، أو طرأ بها الطلق ، فإن كان لها متعهد ، لم يبت عندها إلا في نوبتها ، ويراعي القسم . وإن لم يكن متعهد ، بات عندها ليالي بحسب الحاجة ويقضي للباقيات إن برأت . وإن ماتت ، تعذر [ ص: 351 ] القضاء . وفي القضاء لا يبيت عند كل واحدة من الأخريات جميع تلك الليالي ولاء ، بل [ لا ] يزيد على ثلاث ليال ، وهكذا يدور حتى يتم القضاء . ولو مرضت ثنتان ولا متعهد ، فقد يقال : يقسم الليالي عليهما ، ويسوي بينهما في التمريض ، ويمكن أن يقال : يقرع بينهما كما يسافر بها بالقرعة .
قلت : القسم أرجح . والله أعلم .
فرع
كان يعمل تارة بالليل ، ويستريح بالنهار ، وتارة عكسه ، فهل يجوز أن يبدل الليل بالنهار ، بأن يكون لواحدة ليلة تابعة ونهار متبوع ، وللأخرى ليلة متبوعة ونهار تابع ؟ وجهان حكاهما الحناطي .
قلت : الأصح المنع لتفاوت الغرض . والله أعلم .
الرابعة : أقل نوب القسم ليلة ليلة ، ولا يجوز ببعض الليلة . وحكى ابن كج وجها ، أنه يجوز أن يقسم لكل واحدة بعضا من ليلة . وحكى الإمام وجها أنه يجوز أن يقسم لكل واحدة ليلة ونصفا ، ولا يجوز لكل واحدة بعض ليلة .
والصحيح المنع مطلقا . والأفضل أن لا يزيد على ليلة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليقرب عهده بهن كلهن . ولو قسم ليلتين ليلتين ، أو ثلاثا ثلاثا ، جاز ، نص عليه . وفي وجه عن أبي إسحاق : لا تجوز الزيادة على ليلة إلا برضاهن . [ ص: 352 ] والصحيح الأول . ولا تجوز الزيادة على ثلاثة إلا برضاهن على المذهب . وقيل : قولان أو وجهان . فإن جوزنا الزيادة ، فوجهان . أحدهما عن صاحب " التقريب " : لا تجوز الزيادة على سبعة . والثاني عن الشيخ أبي محمد وغيره : تجوز الزيادة ما لم تبلغ أربعة أشهر مدة تربص المؤلي .
الخامسة : إذا أراد الابتداء بالقسم ، فوجهان . أحدهما : يبدأ بمن شاء . والصحيح يلزمه القرعة ، فيبدأ بالقارعة . فإذا مضت نوبتها ، أقرع بين الباقيات . ثم بين الآخرتين ، فإذا تمت النوب ، راعى الترتيب ، ولا حاجة إلى إعادة القرعة .
ولو بدأ بلا قرعة ، فقد ظلم ، ويقرع بين الثلاث . فإذا تمت النوب ، أقرع للابتداء .
روضة الطالبين وعمدة المفتين..أبو زكريا يحيى بن شرف النووي
فاللواتي تليق بكل واحدة منهن بيت أو دار أو حجرة ، لا يجمع بينهن في دار واحدة ولا حجرة واحدة ، لكن لو كان في الدار حجر مفردة المرافق ، فله أن يسكنهن فيها .
وكذا لو أسكن واحدة في العلو والأخرى في السفل ، والمرافق متميزة ، واللواتي يليق بهن البيوت الفردة له أن يسكن كل واحدة منهن بيتا من خان واحد ، أو دار واحدة ، ولا يجمع بينهن في بيت إلا بالرضى .
وإذا جمعهما في مسكن بالرضى ، كره وطء إحداهما بحضرة الأخرى . ولو طلب ، لم تلزمها الإجابة ، ولا تصير بالامتناع ناشزة .
الثانية : عماد القسم الليل ، والنهار تابع ، وله أن يرتب القسم على الليلة واليوم الذي قبلها ، أو اليوم الذي بعدها ، هذا حكم عامة الناس . وأما من يعمل ليلا ويسكن نهارا ، كالأتوني والحارس ، فعماد قسمه النهار ، والليل تابع ، وعماد قسم المسافر وقت نزوله ليلا كان أو نهارا قليلا أم كثيرا .
[ ص: 349 ] الثالثة : من عماد قسمه الليل ، يحرم عليه أن يدخل في نوبة واحدة على الأخرى ليلا وإن كان لحاجة كعيادة وغيرها . وقيل : يجوز للحاجة ، وهو ضعيف ، ويجوز الدخول للضرورة بلا خلاف .
قال في " الشامل " : هي مثل أن تموت أو يكون منزولا بها . وقال الشيخ أبو حامد وغيره : هي كالمرض الشديد . قال الغزالي : هي كالمرض المخوف . قال : وكذا المرض الذي يحتمل كونه مخوفا ، فيدخل لتبيين الحال .
وفي وجه : لا يدخل حتى يتحقق أنه مخوف . ثم إذا دخل على الضرة لضرورة ، أو مكث ساعة طويلة ، قضى لصاحبة النوبة مثل ذلك في نوبة المدخول عليها ، وإن لم تكن إلا لحظة يسيرة ، فلا قضاء .
ولو تعدى بالدخول ، إن طال الزمان ، قضى ، وإلا فلا ، لكن يعصي . وعن القاضي حسين تقدير القدر المقتضي بثلث الليل . والصحيح أن لا يقدر .
هذا إذا لم يجامع المدخول عليها ، فإن جامعها ، عصى . وفي القضاء أوجه . أحدها : أنه أفسد الليلة ، فلا تحسب على صاحبة النوبة . والثاني : يقضي الجماع في نوبة التي جامعها .
وأصحها : يقضي من نوبتها مثل تلك المدة ، ولا يكلف الجماع . فإن فرض الجماع في لحظة يسيرة ، فلا قضاء على هذا الوجه ، ويبقى الوجهان الأولان .
فرع
وأما النهار ، فلا تجب التسوية فيه بين النسوة في قدر إقامته في البيت ، ولكن ينبغي أن تكون إقامته في بيت صاحبة النوبة إن أقام ، ولا يدخل على [ ص: 350 ] غيرها إلا لحاجة ، كعيادة ، وتعرف خبر ، وتسليم نفقة ، ووضع متاع واحدة . وينبغي أن لا يطيل المقام ، ولا يعتاد الدخول على واحدة في نوبة الأخريات ، ولا في نوبة واحدة الدخول على غيرها .
وإذا دخل على واحدة بغير حاجة ، ففي " التجريد " للمحاملي : أنه يجب القضاء ، وحكاه عن نصه في " الإملاء " . وإن دخل لحاجة ، فلا قضاء . هذا هو الصحيح المعروف ، وحكى الغزالي وجهين آخرين .
أحدهما : أن النهار كالليل ، ومقتضى هذا الإطلاق ، أن لا يدخل إلا لضرورة ، وأنه يقضي إذا دخل متعديا . وحكى ابن كج أن أبا إسحاق حكى في وجوب القضاء قولا . والثاني : لا حجر بالنهار .
ومقتضى هذا أن يدخل ويخرج كيف شاء بلا قضاء ، ولا يجوز في دخول الحاجة أن يجامع . وفي سائر الاستمتاعات وجهان . أصحهما : الجواز .
وفي كتاب ابن كج وجه أنه يجوز الجماع وهو شاذ .
فرع
من عماد قسمه النهار ، فليله كنهار غيره ، ونهاره كليل غيره في جميع ما ذكرنا .
فرع
نقل البغوي وغيره ، أنها إذا مرضت ، أو طرأ بها الطلق ، فإن كان لها متعهد ، لم يبت عندها إلا في نوبتها ، ويراعي القسم . وإن لم يكن متعهد ، بات عندها ليالي بحسب الحاجة ويقضي للباقيات إن برأت . وإن ماتت ، تعذر [ ص: 351 ] القضاء . وفي القضاء لا يبيت عند كل واحدة من الأخريات جميع تلك الليالي ولاء ، بل [ لا ] يزيد على ثلاث ليال ، وهكذا يدور حتى يتم القضاء . ولو مرضت ثنتان ولا متعهد ، فقد يقال : يقسم الليالي عليهما ، ويسوي بينهما في التمريض ، ويمكن أن يقال : يقرع بينهما كما يسافر بها بالقرعة .
قلت : القسم أرجح . والله أعلم .
فرع
كان يعمل تارة بالليل ، ويستريح بالنهار ، وتارة عكسه ، فهل يجوز أن يبدل الليل بالنهار ، بأن يكون لواحدة ليلة تابعة ونهار متبوع ، وللأخرى ليلة متبوعة ونهار تابع ؟ وجهان حكاهما الحناطي .
قلت : الأصح المنع لتفاوت الغرض . والله أعلم .
الرابعة : أقل نوب القسم ليلة ليلة ، ولا يجوز ببعض الليلة . وحكى ابن كج وجها ، أنه يجوز أن يقسم لكل واحدة بعضا من ليلة . وحكى الإمام وجها أنه يجوز أن يقسم لكل واحدة ليلة ونصفا ، ولا يجوز لكل واحدة بعض ليلة .
والصحيح المنع مطلقا . والأفضل أن لا يزيد على ليلة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليقرب عهده بهن كلهن . ولو قسم ليلتين ليلتين ، أو ثلاثا ثلاثا ، جاز ، نص عليه . وفي وجه عن أبي إسحاق : لا تجوز الزيادة على ليلة إلا برضاهن . [ ص: 352 ] والصحيح الأول . ولا تجوز الزيادة على ثلاثة إلا برضاهن على المذهب . وقيل : قولان أو وجهان . فإن جوزنا الزيادة ، فوجهان . أحدهما عن صاحب " التقريب " : لا تجوز الزيادة على سبعة . والثاني عن الشيخ أبي محمد وغيره : تجوز الزيادة ما لم تبلغ أربعة أشهر مدة تربص المؤلي .
الخامسة : إذا أراد الابتداء بالقسم ، فوجهان . أحدهما : يبدأ بمن شاء . والصحيح يلزمه القرعة ، فيبدأ بالقارعة . فإذا مضت نوبتها ، أقرع بين الباقيات . ثم بين الآخرتين ، فإذا تمت النوب ، راعى الترتيب ، ولا حاجة إلى إعادة القرعة .
ولو بدأ بلا قرعة ، فقد ظلم ، ويقرع بين الثلاث . فإذا تمت النوب ، أقرع للابتداء .
روضة الطالبين وعمدة المفتين..أبو زكريا يحيى بن شرف النووي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق